التطُّورُ السيَاسي  في بلاد شرق أفريقيا منذ أقدم العصور

لاشك أن النظام الملكي هو ذلك النظام الأكثر ذيوعا وانتشار في بلاد العالم القديم، من ثمة فهو النظام السياسي الذي ذاع وانتشر في أكثر هذه البلاد. كما يحاول الفصلُ الذي بين أيدينا مناقشة واحدة من بين الإشكاليات التاريخية التي تهم عددا ليس بالقليل من الدارسين في التاريخ الأفريقي بشكل عام، وهي الإشكالية التي ترتبط بالحياة السياسية، وأنماطها، وكذا سماتها في بلاد شرق أفريقيا.

     من المؤكد أننا ندرك بأننا نتحدث عن بلاد وشعوب لها خصوصيتها سواء الجغرافية أم الإثنية بكل أبعادها منذ القدم، وهو ما كان له دورٌ مهم لايمكن إنكاره فيما يخص التشكيل والتكوين السياسي الذي ظهر في هذه البلاد لأسباب أو لأخرى عبر تاريخها، وهو الأمر الذي يمكننا أن نشير إليه بأنه يشكل في حد ذاته تكوينا يبدو معقدا، ويحيط به الكثير من الغموض والأسرار بالنسبة لنا، وهو ما يشجع مؤلف الكتاب على عمل بعض المحاولات التي تهدف لفك طلاسم وألغاز هذا الأمر بقدر المستطاع رغم مشقة تلك المهمة نظرا لقلة ما ورد عن ذلك في المصادر التاريخية، أو حتى المراجع الحديثة. 

فلاريب أن وجود ثمة محاولات غايتها التعرف على النظام السياسي، وأنماطه، وكيف ظهر وتكون، وكذا أشكاله التي عرفت لدى الشعوب في بلاد شرق أفريقيا منذ أقدم العصور لهو من قبيل الأمور الشائكة بحق، وهو أمرٌ غايةٌ في المشقة على أيٍ من الباحثين الذين يمكنهم أن يتصدوا لذلك الشأن بسبب حالة الغموض التي لاتزال يحيط بتلك البلاد منذ القدم.